منوعات

من الذاكرة الكربلائية ..المشهد الثاني والسبعون

 

حسين أحمد الإمارة

( هريسة الصباح ).

أيقضني والدي (رحمه الله) بعد أن أكمل صلاة الفجر .
مخاطباً لي:
بويه أكعد من النوم وروح جيب هريسه من قربون ،
يله غسل وجهك وأخذ الگدر الچبير.
تناولته ووضعته في الزبيل.

خرجت من البيت متجهاً صوب المحل الواقع في سوق القصابين الواقع بين سوق الحسين. ع. وشارع صاحب الزمان، مقابل قيصرية أبو معاش .

كان الفجر قد مد نوره على شوارع المدينة.
في الطريق بدأ أصحاب محلات الأطعمة بالتوافد على أماكن عملهم.
القصاب- الخباز- المطاعم الشعبية( التكة،المعلاك- الباچة- الكباب- الباقلاء بالدهن ) ألتي تقدم وجبات الإفطار للمتوجهين لعملهم باكراً .

وصلت المحل وكان قد سبقني إليه بضعة أشخاص للأجل الحصول على ما يحتاجونه من الهريسة، ناولته القدر والدراهم، ملئه وأعاده لي، وضعته داخل الزبيل واتجهت إلى الخباز( سيد كاظم الهندي ) القريب منه. ابتعت عشرة قرص (مگسبات) كانت قد شويت على نشارة الخشب والحطب.

عدت لدارنا بعد بذل جهد أثناء حمله .
قدمت لي والدتي( رحمها الله ) صحن مملوء بالهريسة رُش عليه الدارسين وفوقه الدهن الحر مع قندون السكر وقرصة الخبز ، أجهزت عليه قبل الجميع..

يتم إعداد الهريسة من حبوب تسمى (الحبية)، وهي من فصيلة حبوب (الحنطة، الشعير،الأرز ).
ألتي تزرع في شمال العراق.

تنقع لفترة كافية بعدها تطبخ مع اللحم.
عند النضج، تهرس سوياً بإستمرار وتدق بخفة بواسطة الطخماخ في جدور كبيرة صُنعت من النحاس، كي تتمازج المكونات فيما بينها وتترك لتُهَدْر على نار هادئة.

بعد الانتهاء من إعدادها ونضجها، تقدم للزبائن بعد إضافة الدارسين والدهن الحر والسكر عليها.
هذا العمل يحتاج إلى السهر ليلاً لاتمامه عند الفجر.

الكثير من العوائل العراقية إعتادت على عمل الهريسة والقيام بتوزيعها على أهل المحلة في مناسبات وفيات أهل البيت عليهم السلام.

إشتهرت مدينة كربلاء بعمل هذا الصنف من الطعام بطريقة مميزة، فهم يعتنون بإعدادها بسبب التنافس الكبير فيما بين أصحاب المطاعم التي اختصت بعملها بهدف كسب رضا الزبائن.

في كل محلة يوجد أحد المطاعم التي إختصت بعمل الهريسة.
من أشهرهم :

سوق القصابين / قربون.
ساحة البلوش/ حجي رضا.
سوق الزينبية.المخيم/ محمد علي.
سوق باب الخان/ هادي كبابي.
منطقة الفسحة/ حجي علي.
سوق باب السلالمة/حجي مهدي كبابي.
ساحة الميدان .قرب خان نصر الله. /..
سوق القبلة. المناكيش/ حجي ماشاء الله.

وقد تغييرت الأسماء والأماكن فيما بعد، ولا زالت المهنة مستمرة .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى