مقالات

المركز العالمي للسحر والشعوذة

 

سعد رزاق الأعرجي

تخيل عزيزي القارئ انك صحوت ذات يوم من الايام ومزاجك متعكرا ومثقلا بالهموم بسبب خلاف مع زوجتك وقد أمضيت الليل خائفا مرعوبا تحسب لها ألف حساب وهي تضطجع بجانبك ونمت ولم تأمن شكل الانتقام الذي تحتفظ به كحق للرد!!! بعد هذا اليوم لاتخف ولا تبتأس لقد وجدنا الحل، واصبح كل شيء بسيط وان خط السعادة الزوجية موجود وبامكانه إعادة العلاقة الحميمة إلى سابق عهدها وقطع الطريق عن الأقارب والشامتين منهم والذين يصبون الزيت فوق النار فتتحول العلاقة إلى مأساة وانت أيها الشاب البريء المخلص لمن أحببت إذا كنت متفق مع حبيبتك على الزواج وانتم في مرحلة المراهقة ووصلت بكما الرغبة بالارتباط حدها وحاولت التقدم لخطبتها فرفضوك فلا تكن احمقا متسرعا وتفكر بالانتحار، لأن العلم تطور واصبح هناك قوة خفية لاتقاوم بإمكانها تغيير النفوس ولم الشمل مع من تحب خلال أربع وعشرين ساعه، حتى وإن كنت حافيا ولاتملك الدينار وان مصيرك التشرد والتسول مع زوجتك!! وانت ياسيدتي القارئة تخيلي أن لك جارة مزعجة حسودة حقودة لجوجة وتريدين التخلص منها وردعها وربما تتمنين لها أن تصاب بالكساح فتلازم بيتها فتشمتين بها وتنتقمين للأيام التي كنت تحت رحمتها ولم تستطيعي لجم لسانها السليط، فاستبشري خيرا فالعلم الحديث وجد لك الأسباب لتردي جارتك على أعقابها خاسرة.، وحتى من فقد عقله أو أصيب بصدمة عصبية فإن العلاج أصبح موجودا.
أن هذا ليس إعلانا أو ترويجا لبضاعة بائرة أو فاسدة، وإنما هي سخرية القدر ذلك القدر الذي جعلنا نسمع ونرى هكذا اشياء.
لقد أصبح للسحر والشعوذة قوة ووجود وتأثير على المجتمع فلاقى رواجا هائلا ومنقطع النظير فأصبح الناس تهرع إليه وتسعى إليه الأرجل من كل حدب وصوب وتبذل من أجله الأموال!! فما الذي جرى،،؟
فبعد أن كان السحرة والمشعوذون يتخذون من الأماكن الفقيرة ذات الإمكانيات المحدودة والتي يسود فيها ضعف التعليم وتفشي الأمية ليستغلوا طيبة هذه الشريحة من أجل تسويق بضاعتهم في بيئة منغلقة متخلفة علميا وصحيا، فقد اتسع نشاط هذه الفئة ولم تعد تقتصر على البسطاء الذين يذهبون من أجل تحسين الرزق أو فك السحر وتلك البنت الثلاثينية التي لم تتزوج فتعالج ب (الحمص المطحون) الذي يخلط مع الماء ويؤخذ على الريق اما جلب الرزق فيعالج بماء جلود الحيوانات التي ترش على عتبات الأبواب، فتفتح خزائن قارون أمام هذا الرجل الفقير ولا نعلم العلاقة بين ماء جلود الحيوانات والرزق.
لكن الأمر تجاوز الخطوط الحمراء وأصبحت هذه المراكز مطلوبة وبشكل ملفت للنظر حتى في الأوساط المثقفة، فقد لوحظ أن طبيبة على مستوى ترتاد هذه الأماكن وبشكل مستمر وتدفع ثمن باهض من أجل المراجعة وشوهد خريجوا الجامعات يتواجدون هناك منهم من يبحث عن عمل واخر لديه مشكلة عاطفية وأخرى تزوجت سرا وتركها زوجها وهاجر مع أصحاب القوارب إلى تركيا ومنها إلى اليونان ولم تعد تسمع اخباره ووو.
هذه المواضيع والأحداث المغرية شجعت أصحاب هذه المهنة أن يتقلدوا الألقاب مثل الدكتورة هبة قطب خبيرة السعادة الزوجية والتي تظهر اعلاناتها على القنوات الفضائية بأنها تجلب الحبيب مهما بعد وترد المطلقة إلى زوجها وتجعل الاهل مهما بلغ عنادهم أن يوافقوا على العريس وخلال يوم واحد وهناك من أسس مركزا عالميا للعلاج الروحاني مثل فدوى المتنبي والمغربي ابو علي والشيخ يوسف فتوني حيث يختص هذا المركز بعلاج كل أنواع السحر ورد المطلقة وعودة الحبيب الغائب وجلب السعادة الزوجية وكذلك معالجة أخطاء الشيوخ.
يبدو أن عجلة الحياة بدأت تعود إلى الوراء حيث السحر والشعوذة والخزعبلات ونحن نعيش القرن 21.
لقد أصبح مبدأ الأمية لايعنى به أولئك الذين لايجيدون القراءة والكتابة وإنما تجسد هذا المبدأ بالجهل الفكري والعقلي والغيبوبة الفكرية، الأمر الذي دعا الشرائح المثقفة من الرجال والنساء على ارتياد مثل هذه المراكز والخضوع لجلسات أسبوعية وهذا الأمر يدعوا للقلق فعلا.
والسؤال هو كيف تجرأ هؤلاء السحرة وماهي الثقة التي يتمتعون بها، التي جعلت نشاطهم يشهدتوسعا كبيرا وصل حد فتح المراكز المجازة الله اعلم.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى