مقالات

خرّيجو الاعلام لـ”التربية الإعلامية”

سالم مشكور

في ظل نظام ديمقراطي لا يمكن للصحافي المهني أن يسعى الى وظيفة حكومية، لأن الاعلام في هكذا نظام هو ندّ للمسؤول، ولا وجود فيه لإعلام حكومي مباشر، غير الدوائر الإعلامية للوزارات والمؤسسات الدستورية والتي تتولى إيصال المعلومة الى وسائل الاعلام.
الاعلام يوصف بانه السلطة الرابعة لشدة تأثيره، وحساسية مهمته الرقابية، من خلال رصد الأداء وتحديد الثغرات. هنا يكون الاعلام مساعداً للمسؤول في اصلاح أية ثغرات في عمله، ورقيباً عليه يردعه عن ارتكاب أية مخالفة. وعندما يتحول الاعلامي الى موظف يصبح صوتا للمسؤول وليس رقيباً على أدائه، وهذا ما يتعارض مع مهنيته الإعلامية. هذا الحال ينطبق حتى الإعلامي العامل في مؤسسة خاصة، وفي نفس الوقت يرتبط بمصلحة مادية أو غيرها بمسؤول أو مؤسسة حكومية، فلا يعود قادراً على ممارسته مهنيته حيال أداء تلك المؤسسة أو ذلك المسؤول.
في وضع كالموجود في العراق لا يمكن لوم خرّيجي الاعلام إذا ما سعوا الى وظائف حكومية، لأن من يدرس الاعلام ليس بالضرورة ساعياً الى ممارسة هذه المهنة، فالقبول في كليات الاعلام يجري حسب المعدل العام لامتحانات البكالوريا، وليس حسب الرغبة في دخول هذا المجال، وهذا خلل كبير، ينتج جيوشاً من حملة شهادات الاعلام أغلبهم لا يرغب في ممارسته، بل تصبح مجرد شهادة لأغراض التعيين والترفيع، فيتظاهر صاحبها طالباً وظيفة حكومية في ظل ثقافة سائدة بأن الوظيفة أكثر ضماناً حتى لو كانت بدون عمل منتج وبراتب بسيط. يدعم هذه القناعات غياب قطاع خاص يجتذب العاطلين، وغياب قوانين تضمن حقوق العاملين فيه بما في ذلك أمنهم الوظيفي.
يمكن حل مشكلة خريّجي الاعلام بشكل فاعل ومنتج من خلال إدخال مادة التربية الإعلامية في المرحلة الثانوية. مادة ضرورة لتوعية التلاميذ ومن ثم المجتمع على طبيعة العمل الإعلامي واليات عمله ليتمكن من فهم ما وراء هذا العمل، وتمييز الغث من السمين، والبنّاء من الهدّام، في ساحة تعج بالكثير من وسائل الاعلام،. الجامعة العربية تبنت دعوة الدول الى ادخال التربية الإعلامية ضمن المناهج الدراسية كمادة ضرورية.
لو طبقنا هذا الامر لأمكن استيعاب الالاف من خريّجي كليات الاعلام الساعين الى عمل، فضلا عن أهميته في نشر الوعي الإعلامي في المجتمع.
بإمكان المدارس الخاصة البدء بهذه المهمة لتكون مشجعاّ لنظيرتها الحكومية.

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى