منوعات

(المسيرة الخالدة ) الحلقة الرابعة

طه الديباج الحسيني

في اليوم الثاني من احداث الكوفة عقد بن زياد لعمرو بن حريث المخزومي راية وامّره على الناس وان يقعد لهم في المسجد ظهر المختار الثقفي بعد ان سمع بثورة مسلم حتى انتهى الى باب الفيل بعد الغروب حيث كان في قريةٍ له تدعى ( لقفا ) وكان ممن بايع مسلم وناصحه ودعا اليه وعندما اقبل كان معه موالٍ٠ حينها مر هاني بن ابي حيه الوداعي على المختار وهو في باب الفيل فسأله ( ماوقوفك ها هنا لا انت مع الناس ولا انت مع رحلك ) فقال المختار ( اصبح رأيي مرتجاً لعظم خطيأتكم ) فرد عليه الوداعي ( اظنك والله قاتل نفسك ) ثم نقل الوداعي الخبر لابن حريث والي الناس وكان عنده عبدالرحمن بن ابي عمير الثقفي فقال له بن حريث ( قم الى عمك فاخبره ان صاحبه لا يُدرى اين هو فلا يجعلن على نفسه سبيلا ) فقام له ووثب حينها زائد بن قدامة بن مسعود فطلب له الامان من بن حريث فكان جواب بن حريث ( اما مني فهو امن وان يرقى الى الامير عبيد الله بن زياد شي من امره اقمت له بمحضر الشهادة وشفعت له احسن الشفاعة ) اصطحب الاثنين المختار وجلس تحت راية عمرو بن حريث المخزومي حتى اصبح اقول ( ان هذه الراية حسب رأيي هي راية السلم والامان والاستسلام والتوبة لمن كان مع بن عقيل او من كان مترددا ويريد ان يشمل بعفو بن زياد )٠ عند ارتفاع النهار فتح بن زياد باب قصره واذن للناس ودخل المختار معهم وقال له بن زياد ( انت المقبل في الجموع لتنصر بن عقيل ) فقال المختار ( لم افعل ولكني اقبلت ونزلت تحت راية عمرو بن حريث وبت واصبحت ) وشهد له بذلك بن حريث وهذا لم ينفع عند بن زياد حيث رفع القضيب الذي بيده وشتر عين المختار وقال له ( والله لولا شهادة بن حريث لضربت عنقك ) ادخل بعدها المختار السجن حتى قتل الحسين عليه السلام واخرج بعدها بوساطة بن الخليفة عمر بن الخطاب رض لكونه صهره ٠وعودا على طوعة ومسلم فان بلال بن طوعة لم يكتم السر وقام باخبار عبد الرحمن بن محمد بن الاشعث بمكان بن عقيل وكان بن الاشعث جالسا عند بن زياد الذي ما ان سمع الخبر حتى امر بارسال محمد بن الاشعث مع ستين او سبعين رجلا من قيس ( القبيلة العربية الكبيرة ) حتى اتوا الدار التي فيها بن عقيل٠ سمع مسلم حوافر الخيل واصوات الرجال فخرج اليهم بسيفه واقتحموا عليه الدار وشد عليهم واخرجهم ثم عادوا وقد تبادل الضرب مع بكير بن حمران الاحمري الذي ضرب مسلم فقطع شفتة العليا واشرع السيف في السفلى وفصلت ثناياه اما مسلم فقد ضرب الاحمري في راسه وثنىّ له باخرى على حبل عاتقه وعندها اشرفوا على مسلم من فوق ظهر البيت ورموه بالحجارة والهبوا النار في اطناب القصب وهو يقاتلهم لحين مااعطاه محمد بن الاشعث وقومه الامان اركبوا بن عقيل على بغله واجتمعوا عليه وانتزعوا سيفه حينها دمعت عيناه ثم قال ( هذا اول الغدر ) وعندما ساله عمرو بن عبيدالله بن السلمي عن سبب بكاءه قال ( والله لاابكي لنفسي ولا لها من القتل ارثي ولكن ابكي لاهلي المقبلين ابكي لحسين وال حسين )٠ اوصى بن عقيل محمد بن الاشعث بارسال رسول منه ليخبر الحسين بما جرى وان يرجع من حيث اتى ولا يغره اهل الكوفة فقال بن الاشعث ( والله لافعلن ولاعلمن بن زياد اني قد آمنتك ) ٠جيئ بابن عقيل الى قصر الامارة وطلب الماء فقال له مسلم بن عمرو الباهلي ( لا والله لا تذوق منها قطرة ابدا حتى تذوق الحميم في نار جهنم ) فرد عليه بن عقيل ( ثكلتك امك مااجفاك وماافضك واقسى قلبك واغلضك انت يابن باهلة اولى بالحميم والخلود في نار جهنم مني )٠ امر بن حريث المخزومي بان يسقى بن عقيل الماء فكان كل ما يشرب من القدح يمتلي دما فقد سقطت احدى ثناياه فيه فقال ( الحمد لله ولو كان لي من الرزق المقسوم لشربته ) ٠ ادخلوا مسلم على بن زياد ولم يسلم عليه بالامرة وعندما سئل عن عدم سلامه للامير قال ( ان كان يريد قتلي فما سلامي عليه !! والا فلعمري يكثر سلامي عليه ) فقال له بن زياد ( فلعمري لتقتلن ) فقال له مسلم دعني اوصي الى بعض قومي نظر مسلم الى جلساء بن زياد فرأى عمر بن سعد بن ابي وقاص الزهري القرشي وهو اقرب الموجودين لمسلم فاوصاه ( علّي دين سبعة مائة درهم فاقضهم عني وانظر جثتي فأستوهبها من بن زياد فواريها وابعث الى حسين من يرده )٠دار كلام محتدم بين بن زياد وبن عقيل لم يتوانى بن زياد بسب علي وآل علي وعقيل وآل عقيل امر بن زياد ان يضرب عنق مسلم من فوق القصر ( قصر الامارة ) عرض محمد بن الاشعث على بن زياد الامان الذي عطاه لمسلم فكان جواب بن سمية ( ما انت والامان كأنا ارسلناك تؤمنه ، انما ارسلناك لتاتينا به ) سكت بن الاشعث ولم يرد جوابا امر بن زياد بكير بن حمران الاحمري الذي اختلف مع مسلم في ضربتيهما في دار طوعة وامره ان يتولى قطع راس مسلم وفصله عن جسده من فوق القصر وفعلا نفذ الاحمري ذلك وكان مسلم يقول ( استغفر الله العلي العظيم ، اللهم صل على الملائكة والرسل ، اللهم احكم بيننا وبين قوما غرونا وكذبونا واذلونا ) بعد مقتل مسلم اخرج هاني من السجن وامر بن زياد بضرب عنقه وهو يقول ( وا مذحجاه ولا مذحج لي اليوم )وتقدم مولى لعبيدالله يقال له رشيد التركي فضربه بالسيف وقتله ) وامر بن زياد بعدها بقتل كل من عبدالاعلى الكلبي وعمارة بن صلخب الازدي اللذان قبض عليهما اثناء ثورة مسلم٠ ارسلت رؤوس بن عقيل وبن عروة الى يزيد بن معاوية صحبة هاني بن ابي حية الوداعي الهمداني والزبير بن الاروح التميمي ومعهم كتاب من بن زياد يفصّل له حالتهم وصلت الرسل مع الرؤوس الى يزيد الذي كتب كتابا لابن زياد اهم ماجاء فيه ( عملت عمل الحازم وصلت صولة الشجاع الرابط الجأش فقد اغنيت وكفيت وصدقت ضني بك ورأيي فيك ٠استوصي برسوليك خيرا وقد بلغني ان الحسين بن علي توجه نحو العراق فضع المناظر والمسالح واحترس على الظن وخذ على التهمة غير أن لاتقتل الا من قاتلك واكتب الي في كل مايحدث من الخبر ) الى هنا انتهى دور مسلم ودارت الكوفة وضاقت ارضها عليه بما رحبت .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى