منوعات

من الذاكرة الكربلائية ..المشهد التاسع والعشرون. ( من هنا البداية )

 حسين أحمد الإمارة 

– في طريقي إلى ملعب الكرة الطائرة الترابي، الذي اتخذناه مكاناً لمزاولة اللعبة، والواقع على أرض بستان مهجورة بين شارع المحيط ونهر الحسينية، القريب من دارنا في باب السلالمة.

سائراً على طرقات المحلة الترابية، عصر يوم صيفٍ قائض..
رجل مُسِن أطل من شباك داره، سحب مشربة الماء (التُنكه ) بالكاف المعجمة. احتسى منها شربة ماء ليسد به رمقه.

ناداني صديق لي وقف لتناول ( الدوندرمة ) من صاحب العربة الذي إتخذ من تقاطع الطريق مكاناً للترويج عن بضاعته.
قدم لي قطعة من (أبو العود ) مشكورا.

جارة لنا وقفت أمام دارها ترش الماء على الطريق..
.. شلونج خاله…
هلا بحسوني..وين رايح بالظهاري.
.. خالة يم جماعتي دا نلعب طوبه.

نداء الى صديقي بشفرة متفق عليها مسبقا من اجل التواصل بدون طرق الباب .
خرج بيده الكرة، مرتدياً ملابسه الرياضية، بدون حذاء رياضي.

كنا قد منعناه من اللعب حتى يجلب لنا كرة جديدة، بسبب عدم معرفته باسلوب اللعب ،وقد فعل.

وصلنا المكان المنشود …
بعد أن اكملنا تنظيف الساحة ورفع الأشواك منها تجنباً الإصابة، (الكل حفاة) تم إعادة ترسيم خطوط الساحة التي لم تكن ضمن القياسات الرسمية..

ضَبّطْنا ربط الحبل (الذي جلبته من دارنا بعد أن انتفت الحاجة له، فقد استبدل بآخر لنشر الملابس عليه)،بين نخلتان باسقتان ربطاً محكما.

بعد أن إكتملت المجموعة..
خلعنا ثيابنا وعلقناها على جذع النخلة ،انقسمنا لمجموعتين وشرعنا بممارسة اللعب.
وكل من يلتحق بنا ينظم الى احد الفريقين حتى نصل إلى العدد المطلوب.

لا مكان للقانون الدولي للعبة. والمحذور مباح..
والخطأ يٌغَضْ الطرف عنه.
المهم أن يتم تداول الكرة بين الفريقين وضمان عدم سقوطها على الأرض.

يغلب على جميع المباراة التي نلعبها طابع التنافس وفي بعض الأحيان يتوتر المشهد وتتعالى الأصوات، وكلٌ يميل للاستحواذ على الكرة لعدم وجود من يفصل بين الطرفين.

أغلب قوانين اللعبة مجهولة بالنسبة لنا، سرعان ما تهدأ الأمور فالغاية ممارسة الهواية وليس لتحديد الفائز أو الخاسر.
في بعض الأحيان نخرج بإصابات بسيطة جراء الحماسة في اللعب . جروح .خدوش. رضوض والتواء القدم وغيرها من الإصابات الرياضية..

بالقرب من مكان لعبنا توجد ساحة اتخذت لممارسة رياضة كرة القدم من أطفال الديرة .

بدأت الشمس بالافول…
صافرة طويلة انهت المباراة..
توجهنا جميعا لأخذ شوط من السباحة عند نهر الحسينية المجاور، حتى أرخى الليل سدوله.
غادرنا المكان متوجهين كلاً إلى داره بعد أن أخذ منا التعب مأخذا.

من هنا نمت بذرة حب لعبة الكرة الطائرة وازداد تعلقي بها حتى نلت شرف المساهمة مع إخوتي الرياضيين في….
.. الفرق المدرسية
..منتخبات التربية
.. فرق الاندية المختلفة
..منتخب المحافظة
… منتخب الشباب
.. المنتخب الوطنى
..منتخب الجامعة وآخرها منتخب نقابة المعلمين ،
ثم التحول إلى التدريب والتدريس والتقاعد.

الحمد لله والشكر من قبل ومن بعد.
رحم الله من غادرنا باكراً أعزة علينا لا زالوا في الذاكرة ،والصحة والعافية وطول العمر لمن يرفل بالعز والحياة الكريمة..

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى