مقالات

ضياع الحقيقة

 قاسم حسن الموسوي

 

 

كلمة الحقيقة حروفها ساحرة وجاذبة لكنها تضيع وسط ركام الباطل والتزوير والتزويق والقطع والاضافة
يقولون التاريخ يكتبه المنتصرون أو الاقوياء وحينها ستضيع الحقيقة كلاً أو جزءاً ومنذ اكثر من ثلاثة آلاف سنة كتب التاريخ تقريبا وما قبله مجهول لانه لم يدون بل هي مجرد نتف منه وصلتنا من كتب الله المرسلة او من خلال تناقل الالسن بين الناس او توقعات …. الخ .
وخلال هذه الثلاثة آلاف سنة من كتابة التاريخ لم تكن الحقيقة واحدة لكل الاحداث التاريخية بل تختلف من كاتب لآخر ومن زمن لآخر ايضا .
وكل انسان سواء كان مؤرخا او اديبا او انسانا عاديا ولأجل اظهار تلك الحقيقة عليه ان يكتب او يقرأ التاريخ بتجرد عالي وليس ارضاءا لنفسه او ثقافته او خلفيته الاجتماعية او اشباعا لنقص يحس به او مظلومية وقعت عليه .
ومن يتلمس طريق الحقيقة فأنه لن يجدها الا بصعوبة بالغة جدا حتى وان وجدها فستكون نسبية وليس مطلقة الا الله وحده فهو الحقيقة المطلقة ، وسيجد مطبات وعثرات في هذا الطريق والوصول الى مشارف الحقيقة يكون بالعقل الناضج المتفتح.
فلنأخذ مثلا حقبتين تاريخيتين معاصرتين اولهما عهد صدام حسين الذي مازال هناك من يدافع عنه ويمتدحه بشتى النعوت التي لا يستحقها ويستقتل في ذلك ويعطيك الحجج والدلائل التي يعتقدها ويصفه بالنظام الوطني والقومي وخاصة العرب منهم الذين لم يطالهم طغيانه وجبروته ورخص النفس البشرية لديه وكلنا رأينا وسمعنا الكثير من هؤلاء وهذا لحكم سقط قبل 17 سنة فقط فكيف بالتاريخ بعد 500 سنة أو أكثر فحينها ربما يضع البعض رأس ذلك النظام بمصاف الصديقين والصالحين كما يفعل البعض حين ينظر الى بعض الشخصيات الظالمة والقاتلة مثل الحجاج وصلاح الدين الأيوبي على انهما من اعلام القادة المسلمين وغيرهما كثيرين .
والعهد الثاني هو مانعيشه الآن فهناك من يصفه بانه عهد الشيعة وعهد انصافهم وتعويضهم عن مظلوميتهم في العهود السابقة وهو عهد ظلم السنة وغيرها من النعوت التي لا تمت للحقيقة بصلة ابدا فهذا العهد لم ينصف الانسان العراقي المظلوم عموما رغم رفعه للافتات وبيارق بعناوين براقة ولكن الحقيقة مؤسفة ومؤلمة حيث انه عهد زعماء طوائف واحزاب وتيارات وسرقات ولصوصية وتفجيرات وقتل ليضيع المظلوم تحت اقدام الاطماع والمخططات السياسية ولسنا بحاحة لان نسترسل اكثر ولربما بعد عشرات او مئات السنين ياتي من يمتدح هذا العهد ويعطيه ما ليس له .
هناك حوادث حصلت في ايامنا الماضية القريبة وليست بعيدة عنا ولكننا نسمع عنها عدة روايات ومنها عاصرتها شخصيا حين حصل تفجيرا ارهابيا في شارع العباس لتأتيك الروايات فهذا يقول سيارة مفخخة وذاك يقول دراجة مفخخة وآخر يقول عبوة ناسفة وهكذا ليصل الاختلاف الى عدد الشهداء والجرحى والخسائر عموما وما زال دخان التفجير يتصاعد والدماء تملأ الشارع والارصفة لذلك اقول ( ساعدك الله يا تأريخ ) وكيف لنا ان نصل الى الحقيقة واقول لن نصل اليها وان وصلنا فسنصل الى جزء منها والباقي يغطيه غبار الكذب والتزوير والدفن والجهل والقصد السيء .

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى