أخبار الرياضة

بالتسعين هكذا يكون القائد.. أين منهم انتم اليوم؟

 

سددها/ طلال العامري

دخل الرئيس السوري الأسبق فارس الخوري عام 1947م إلى مقر الأمم المتحدة، بطربوشه الأحمر وبزته البيضاء الانيقة.. قبل موعد الاجتماع الذي طلبته سوريا من أجل رفع الانتداب الفرنسي عنها بدقائق..

اتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا! وبدأ السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون إخفاء دهشتهم من جلوس فارس بك المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته، في المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركاً المقعد المخصص لسوريا فارغاً.؟!

فدخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة. فتوجه إليه وبدأ يخبره أن هذا المقعد مخصص لفرنسا ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سوريا مستدلاً عليه بعلم سوريا ولكن فارس بك لم يحرك ساكناً بل بقي ينظر إلى ساعته..
واستمر المندوب الفرنسي في محاولة إفهام فارس بك بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى، ولكن فارس بك استمر بالتحديق إلى ساعته…

وبدأ صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ، واستخدم عبارات لاذعة واهتاج ولولا تدخل سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس لكان خنقه وعند الدقيقة الخامسة والعشرين، تنحنح فارس بك ووضع ساعته في جيبه، ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه. وقال للمندوب الفرنسي:
سعادة السفير، جلستُ على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة، فكدت تقتلني غضباً وحنقاً، وسوريا استحملت سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها أن تستقل.. وفي هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها عام 1947وتم جلى آخر جندي فرنسي عن سوريا..

وكان فارس الخوري رئيس وزراء سورية 1944م، وفي ذات التاريخ وزيراً للأوقاف الإسلامية!وهو مسيحي وعندما اعترض البعض، خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا:
إننا نؤّمن فارس بك الخوري (المسيحي) على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا.
فأحد الأيام ﺃﺑﻠﻐﻪ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﻏﻮﺭﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﺨﻮﺭﻱ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﻭﺻﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺒﺮﻩ ﻭﻗﺎﻝ:
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗدّعي ﺃﻧﻬﺎ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﺄﻧﺎ ﻛﻤﺴﻴﺤﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺼﻠﻮ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻭﺣﻤﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺘﺎﻑ ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ،
ﻓﻲ ﻣﺸﻬﺪ ﻭﻃﻨﻲ ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﻃﻮﻳﻼً ﻭﺧﺮﺝ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺣﺎﺷﺪﺓ ﻣﻸﺕ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﻫﻢ ﻳﻬﺘﻔﻮﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ.

كانوا أبناء وطن واحد بتنوّع معتقداتهم.
الأديان والمعتقدات الدينية لا تفسد الود وحب الوطن، بل
هم أيقونة الأوطان ودمها الحار في سبيل الحرية والعدالة والاستقلال..
ولكن من يفهم؟!.

 


 

مقالات ذات صلة

اترك رد

زر الذهاب إلى الأعلى